الاعتراض من واقع القدح الشخصي
أحد أشهر الاعتراضات هو القول ببساطة أن جميع من يتحدث حول تجارب الخروج من الجسد إنما هم دجالون أو كاذبون، وهذه مغالطة منطقية تدعى القدح الشخصي (

)، وتحديداً شكل يدعى "تسميم البئر"[1] (Poisoning the well). تتضمن هذه المغالطة تشويه سمعة حجة شخص ما من خلال مهاجمة شخصية أو سمعة الشخص الذي يقدم الحجة، بدلاً من معالجة الحجة نفسها.
في هذه الحالة، فإن الادعاء بأن من يختبرون تجارب الخروج من الجسد ويصرحون بها كذابون ودجالون هو هجوم على شخصيتهم، وليس تقييمًا للأدلة المؤيدة أو ضد هذه التجارب. كما أنه يتجاهل احتمال أن يكون بعض المختبرين لتجارب الخروج من الجسد صادقين، حتى لو كان من الصعب عليهم شرح تجاربهم أو التحقق منها. لذا من الضروري النظر في الأدلة المؤيدة لواقع تجارب الخروج من الجسد وضدها، بدلاً من مهاجمة شخصية أولئك الذين يبلغون عنها.
ومن الأدلة التي قمنا بسردها سابقاً وتؤيد صدق تلك الادعاءات كان من خلال عرض جزء بسيط جداً من تاريخ تدوين هذه التجارب قديماً وحديثاً، فكيف يمكن لعدد هائل من الأفراد المتباعدين في الجغرافيا والتاريخ، أن يشاركوا في رواية كذبة بتفاصيل دقيقة، وفي غياب أي مصلحة مشتركة فيها وفي غياب وسائل اتصال مباشرة؟ أيضاً وكما شاهدنا عند الحديث عن نتائج أبحاث علوم الأعصاب حول هذه التجارب، فإن هناك بصمات أو أنماط واضحة من التغيرات في النشاط الدماغي مرافقة لحدوث تلك التجارب، على سبيل المثال: أجرى في دراسة[2] من جامعة أوتاوا، تم اجراء عمليات مسح في الوقت الفعلي لدماغ لامرأة ادعت أنها قادرة على الحصول على تجارب الخروج من الجسد بالإرادة. وأظهرت فحوصاتها بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) نتائج مذهلة. خلال التجربة كانت القشرة البصرية (The visual cortex) خاملة بالكامل تقريبًا، لكن جزء الدماغ المرتبط بالصور الحركية (kinesthetic imagery)، والذي يتضمن الصور الذهنية لحركة الجسم، أصبح نشطًا للغاية، كان الأمر كما لو أن التصور العقلي للمرأة للفضاء بالنسبة لجسدها كان يحل محل بصرها، والذي يمكن أن يفسر طبيعة منظور الشخص الثالث في تلك التجارب.
لذا يمكن لنا بأمان استبعاد هذا الاحتمال والقول بأن تجارب الخروج من الجسد هي ظاهرة يختبرها البشر بالفعل، وهنا يكمن الاعتراض التالي، كيف يمكن لنا التأكّد بأن ظواهر الخروج من الجسد ليس مجرد هلوسات أو تخيلات من العقل، أحلام أو أنها إيحاءات من الكائنات شريرة، كيف نعرف أن عقولنا لا تخدعنا وتصور لنا أننا خارج أجسادنا بينما نحن داخلها.
[1] "تسمم البئر" هو نوع من الحجج التي تنطوي على تشويه مصداقية حجة الخصم حتى قبل تقديمها. بمعنى آخر ، إنها محاولة استباقية لتقويض مصداقية شخص ما ، بدلاً من الانخراط في جوهر حجته.
[2] Smith, A. M. S., & Messier, C. (2014). Voluntary Out-of-Body Experience: An fMRI Study. Frontiers in Human Neuroscience, 8. https://doi.org/10.3389/fnhum.2014.00070
Comments