top of page
صورة الكاتبالمدرب محمد العمصي

تاريخ تجارب الخروج من الجسد في الحضارة اليونانية القديمة



الحضارة اليونانية القديمة

بالانتقال إلى حضارةاليونان القديمة هناك العديد من الإشارات إلى الإسقاط النجمي أو تجارب الخروج من الجسد، وذلك على الرغم من أن المفهوم لا يشار إليه بهذه الأسماء، بل كان يعرف بأسماء أخرى من مثل (Ecstasis) أو النشوة الروحية، والذي يُترجم حرفياً إلى "الوقوف خارج الذات"، كتب الفيلسوف اليوناني أفلاطون عن هذا المفهوم في أعماله، واصفًا إياه بأنه حالة تنفصل فيها الروح عن الجسد وتكون قادرة على الوصول إلى عوالم المعرفة العليا. أيضاً تضمنت الأديان اليونانية الباطنية مثل هذه المفاهيم والأفكار، أحد الأمثلة على ذلك جماعة ديونيسوس (cult of Dionysus)، التي كان الإيمان بالقدرة على الحصول على تجارب خارج الجسد جزء من ممارساتهم الدينية، هناك أيضاً إشارة إلى تجارب الإسقاط النجمي أو ظواهر شبيه بها في العديد من القصص والأساطير اليونانية القديمة.

يوجد في أعمال الفيلسوف اليوناني أفلاطون[1] (Plato) إشارات واضحة إلى تجارب الخروج من الجسد خاصة في "فيدو" و "الجمهورية"، فأفلاطون يصف في كتاباته في الفيدو مفهوم الذات "المزدوجة" أو "الذات الثانية" (dual or second self)، وهي جسم روحي أو نجمي منفصل عن الجسد المادي، إذ كان أفلاطون يعتقد أن الإنسان يتكون من جزأين: الجسد المادي والروح غير المادية، وكان يعتقد أن الروح خالدة وأبدية وموجودة قبل الجسد، وهي الذات الحقيقية، بينما الجسد مجرد مسكن مؤقت للروح، و هذه الذات الخالدة كانت قادرة على السفر خارج الجسد المادي وتجربة العالم بطريقة مختلفة، واكتساب المعرفة والفهم الذي لا يمكن الوصول إليه من قبل الجسد المادي، فالعالم الذي نراه ونختبره بالنسبة إلى أفلاطون ليس العالم الحقيقي، بل هو انعكاس خافت لما يمكن أن تراه الروح إذا تحررت من الجسد، في كتابه الجمهورية أوضح أفلاطون تلك الفكرة بقوله إن الحياة مثل جلوسنا مقيدين بالسلاسل في كهف وظهورنا إلى النار، بمرور الوقت يمكننا فقط رؤية ظلال الناس المارين بيننا وبين النار، وعندها قد نفترض أن تلك الظلال التي تتحرك عبر جدار الكهف هي الحقيقة الوحيدة، إذا تحررنا من سلاسلنا واستدرنا ورأينا الناس يمرون من أمامنا، فلن نفهم ما كنا نراه، وسنستمر في الاعتقاد بأن الظلال أكثر واقعية من الأشخاص الذين كانوا مصدرا لها، هذه المثال الذي استخدمه أفلاطون (كهف أفلاطون) لتوضيح نظريته حول الأشكال وطبيعة الواقع، يمثل الكهف العالم المادي، ويمثل الأسرى البشرية، والمحاصرون في وهم العالم المادي ويعتقدون أنه الواقع الوحيد.

أيضاً قام أفلاطون بالكتابة عن بعض حكايات الخروج من الجسد في عصره، ففي الجمهورية وصف أفلاطون أسطورة الجندي "إير" (Myth of Er) خلال الوقت الذي كان يُعتقد أنه مات فيه ووُضع في محرقة جنائزية[2]، ففي القصة بعد وفاه "إير"، انتقلت روحه إلى الآخرة، حيث رأى أرواح الموتى يحكم عليها من قبل الآلهة، ثم شهد الأرواح التي تم تخصيصها لإحدى فتحتين في الأرض: أحدهما تؤدي إلى حياة العقاب، والأخرى إلى حياة المكافأة (الجنة)، ورأى بعض الأرواح تختار أن تتجسد في حياة جديدة على الأرض، بينما اختار البعض الآخر الذهاب إلى مكان المكافأة الأبدية (الجنة)، ثم جاء دور روح "إير" لاختيار حياتها التالية، فاختار العودة إلى الأرض، ولكن تم تحذيره من أن ذكرياته عن الحياة الآخرة ستُمحى عند التناسخ، يستخدم أفلاطون هذه القصة كطريقة لاستكشاف فكرة الحياة الآخرة وطبيعة الروح وإمكانية حركتها بمعزل عن الجسد، ومدى ارتباطها بفكرة العدالة والأخلاق.

كان بلوتارخ (Plutarch) مؤرخًا وكاتبًا يونانيًا عاش خلال القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، واشتهر بمقالاته الأخلاقية وسير الحياة لشخصيات يونانية ورومانية شهيرة، كتبها بأسلوب مميز يجمع بين التاريخ والفلسفة، أحد أعماله "موريليا" (Moralia)، وهي مجموعة من 78 مقالة حول العديد من الموضوعات، بما في ذلك الفلسفة والدين والأخلاق، في بعض مقالاته يناقش بلوتارخ المفاهيم ذات الصلة بتجارب الخروج من الجسد مثل الروح والآخرة والعلاقة بين الروح والجسد. على سبيل المثال كتب بلوتارخ في الانتقام الإلهي[3] عن قصة رجل من سولي، قيليقية، الذي كان اسمه الأصلي أريدايوس (Aridaeus)، ولكن أُطلق عليه الاسم الجديد ثيسبيسيوس (Thespesius) أثناء إقامته في "العالم الآخر"، فقد كان سقط من ارتفاع وضرب عنقه، ورغم ذلك لم يكن هناك جرح، بل فقط ارتجاج في المخ ومات، وفي اليوم الثالث، وفي نفس وقت جنازته عاد من الموت، روى بلوتارخ أن هذا الرجل، بينما كان يبدو ميتًا، كان لديه إحساس بأن "ذكاءه أو وعيه كان مدفوعًا في جسده" وأنه "قد ارتفع إلى حد ما وكان يتنفس بكيانه كله ويرى روحه من جميع الجوانب، وقد فتحت على مصراعيها كأنها عين واحدة''، وبعد أن تعرّف على حركة "جسده الجديد" ولاحظ وجود أرواح من أنواع مختلفة في البيئة المرتفعة التي صعد إليها، تعرف أريدايوس على روح واحدة لأحد أقاربه، الذي مات بينما كان أريدايوس مجرد طفل، اقتربت الروح وقالت: "سلام يا تسبيسيوس".

ثم أخذت هذه الروح المرشدة ثيسبيزيوس في جولة في مختلف المناطق في "الحياة الآخرة"، تضمنت هذه المناطق "هوة كبيرة تمتد على طول الطريق إلى أسفل ... تسمى مكان (Lethe)" وأخرى " هوة عميقة في الأفق '' تتدفق فيها الأنهار، واحدة كانت أكثر بياضًا من رغوة البحر أو الثلج، وأخرى مثل البنفسج من قوس قزح، وغيرها من الصبغات المختلفة، لكل منها له بريق خاص به من بعيد''، كان هناك أيضًا منطقة بها "أولئك الذين كانوا يعانون من العقاب"، كان المشهد الأخير الذي رآه هو "عودة الأرواح إلى ولادة ثانية، حيث تم ثنيها بالقوة لتناسب جميع أنواع الكائنات الحية وتغيير شكلها بواسطة صانعي هذا المكان لتعود إلى الحياة الأرضية مجدداً. وبينما كان يشاهد هذا المشهد، فجأة تم سحبه بعيدًا وكأنه مربوط بحبل وألقي به في ريح قوية وعنيفة على جسده، وفتح عينيه مرة أخرى تقريبًا ليقوم من قبره.

ملاحظة يجب ذكرها هنا أن شهادة الجندي إير و ثيسبيسيوس حول "العالم الآخر" تتضمن العديد من العناصر المتشابهة، وأهمها تقسيم ذلك العالم إلى مناطق متمايزة، ثلاث مناطق متميزة: الحقول الإليزية (Elysian Fields)، عالم النعيم الأبدي لأرواح الصالحين، تارتاروس (Tartarus)، عالم العقاب للخطاة، وأسفوديل ميدوز (Asphodel Meadows)، عالم من النسيان لأولئك الذين ليسوا أشرارًا كليًا ولا أبرارًا تمامًا، كما أنها المنطقة التي يعود منها البشر إلى الحياة الأرضية، داخل كل منطقة، هناك العديد من العقوبات والمكافآت التي يتم فرضها، اعتمادًا على تصرفات الفرد في الحياة[4].

في سياق متصل، كتب فلاسفة وشعراء يونانيون آخرون، مثل أفلوطين[5] أرسطو، هوميروس وفيثاغورس، عن مفهوم الإسقاط النجمي وقدرة الروح على الانفصال عن الجسد أو أشاروا إلى مفاهيم مشابهة.

اعتقد أفلوطين (Plotinus) بوجود عالم روحي أعلى يتجاوز العالم المادي، والذي أشار إليه على أنه "العالم المعقول" (intelligible realm)، وعالم المعقول هذا يشير إلى عالم الوجود الذي يتجاوز العالم المادي ولا يمكن الوصول إليه إلا للعقل أو المنطق، ويعتبر العالم المعقول حسب أفلوطين مصدر كل الوجود وهو الواقع المطلق، وغالبًا ما كان يشير إليه باسم "الواحد" أو "الصالح" وهو هدف رحلة الروح، كما أعتقد أن الروح يمكن أن تحقق حالة من الاتحاد مع هذا العالم الأعلى من خلال التأمل الفلسفي والممارسات الروحية مثل التأمل في عملية يطلق عليها هنوسیس (henosis)[6]، والعديد من المفسرين اللاحقين لفلسفة أفلوطين قد رسموا روابط بين أفكاره حول العالم المعقول ومفهوم العالم النجمي، كما بين الإسقاط النجمي ورحلة الروح، لكن هذا لم يكون جزءًا مباشرًا من تعاليم أفلوطين[7].

كان من تعاليم أرسطو[8] أن الروح مادة غير مادية وخالدة، متميزة عن الجسد، وكان يعتقد أن الروح يمكن أن تترك الجسد وتتواصل مع الأرواح الأخرى، كما يتضح من أعماله، في كتابه " في الروح"، يدعي أرسطو أن الروح هي "الإلهام الأول للجسد" وأنها "شكل الجسد"، بمعنى أن الروح هي مصدر كل أنشطة الجسد. في "الميتافيزيقا"، يدعي أن الروح هي "المبدأ الأول للحياة" وأنها "منفصلة ومستقلة". أخيرًا، في "الأخلاق النيقوماخية"[9]، يدعي أن الروح يمكن أن توجد بمعزل عن الجسد ويمكنها التواصل مع الأرواح الأخرى[10] [11] [12].

تحدث هوميروس[13] (Homer) في الأوديسة، قصيدته الملحمية عن البطل أوديسيوس، عن الإسقاط النجمي كممارسة استخدمها بعض الآلهة، في أحد المشاهد، كانت أثينا، إلهة الحكمة، قادرة على إبراز روحها والدخول إلى جسد شخص آخر لمساعدة أوديسيوس[14]. بالإضافة إلى ذلك، يذكر هوميروس ممارسة الإسقاط النجمي في الإلياذة على لسان "أخيل" (Achille) قائلاً إن الآلهة يمكن أن "ترسل أرواحهم من أجسادهم وتطير فوق الأرض مثل الطيور"[15]، في الحقيقة يمكن العثور على استخدام الإسقاط النجمي من قبل الآلهة في الإلياذة في جميع أنحاء القصيدة الملحمية، على سبيل المثال في الكتاب الأول، توصف الآلهة بأنها تتحرك بحرية بين جبل أوليمبوس والعالم الفاني، وتستمر في لعب دور نشط في أحداث القصيدة. على سبيل المثال، في الكتاب الخامس، تنزل الإلهة أثينا من السماء لمساعدة ديوميديس في المعركة. وبالمثل، في الكتاب الحادي عشر، نزل أبولو[16] من السماء لمساعدة الطرواديين، ووفقًا للأسطورة أيضاً، كان أبولو قادرًا على ترك جسده والسفر إلى عوالم أخرى، بما في ذلك العالم السفلي، من أجل التواصل مع أرواح الموتى واكتساب المعرفة والبصيرة. توضح هذه الأمثلة قدرة الآلهة على الانخراط في الإسقاط النجمي وقدرتها على التحرك بحرية بين العوالم الإلهية والفانية.

من الجدير بالذكر أنّ الحديث عن الإسقاط النجمي في القصص والأساطير اليونانية القديمة كان شائعاً، حيث كان هناك حالات يُقال فيها إن روح أو وعي شخصية ما تركت جسدها، من الأمثلة على ذلك قصة مدية (Medea)[17]، والتي كانت ساحرة وابنة الملك أييتس ملك كولشيس (King Aeëtes of Colchis)، اشتهرت مدية بدورها في أسطورة جيسون وآرغونوتس (The legend of Jason and the Argonauts)، حيث ساعدت جيسون في سرقة الصوف الذهبي (أداة سحرية قيمة) من والدها ثم هربت معه إلى اليونان، ومع ذلك، بعد أن تجاهلها جيسون من أجل امرأة أصغر سناً منها، انتقمت ميديا بقتل عروس جيسون الجديدة وطفليها، في بعض إصدارات الأسطورة، يُقال إن المدية كانت تتمتع بقوة الإسقاط النجمي، هذا يعني أنها كانت قادرة على فصل روحها عن جسدها المادي والسفر عبر عالم النجوم، ويقال إن هذه القدرة قد منحتها لها الإلهة هيكات[18]، التي كانت إلهة السحر، وإن ميديا استخدمت قوتها في الإسقاط النجمي للتجسس على أعدائها والتواصل مع الآلهة والكائنات الأخرى الخارقة للطبيعة.

يُعتقد أنّ فيثاغورس[19] (Pythagoras) كان قد علًم مفهوم الإسقاط النجمي، فوفقاً لفلسفته الروح خالدة وبعد الموت يمكن أن تولد من جديد في جسد آخر في حيوات متتالية في عملية التقمص (Metempsychosis)، وعي العملية التي تنتقل فيها الروح من الجسد إلى أخر، وفي أشكال مختلفة بما فيها الأجسام البشرية والحيوانية وحتى الجمادات، وأن الروح من خلال هذه العملية تحاول أن تطهر نفسها لتصل في النهاية إلى حالة من التنوير الروحي. كانت إحدى الممارسات الرئيسية في فلسفة فيثاغورس هي تنمية الروح من خلال الممارسات الروحية مثل التأمل والصوم وطقوس التطهير، ويُعتقد أنه من خلال الانخراط في هذه الممارسات يمكن للروح أن تنفصل عن الجسد وتسافر إلى الحياة الآخرة، حيث تكتسب المعرفة والحكمة[20].

في الديانات اليونانية القديمة الباطنية، كان الإسقاط النجمي معتقدًا وممارسة شائعة، حيث كان يُعتقد أن الروح يمكن أن تنفصل عن الجسد المادي وتنتقل إلى عوالم أخرى، بما في ذلك العالم السفلي وعالم الآلهة. كان هذا الاعتقاد محوريًا للعديد من الطوائف الغامضة التي كانت موجودة في اليونان القديمة، مثل طوائف الأورفي (Orphic) والإليوسينية (Eleusinian) وديونيسوس (Cult of Dionysus). في هذه الطوائف، تم تنفيذ طقوس البدء (initiation rituals) التي قيل إنها تسمح للمبتدئين بتجربة الإسقاط النجمي والتواصل مع الآلهة.

ارتبطت طائفة الأورفية أو الأورفكية بالشاعر أورفيوس[21] (Orpheus) وكان الإسقاط النجمي معتقدًا وممارسة مركزية لديها، اعتقدت العبادة أن الروح خالدة ويمكن أن تنفصل عن الجسد المادي، وأن هذا الانفصال ضروري للنفس لتصل إلى حالة المعرفة الصافية. علمت العبادة أن الروح يمكن أن تختبر الإسقاط النجمي من خلال السلوك السليم في الحياة والموت، وأن هذا الإسقاط كان ضروريًا للروح للوصول إلى وجهتها النهائية في الحياة الآخرة[22].

ارتبطت طائفة الإليوسينية بمدينة إليوسيس، بالقرب من أثينا، وكانت واحدة من أكثر الطوائف الغامضة شهرة وتأثيراً في اليونان القديمة. تمحورت معتقدات الطائفة حول أسطورة ديميتر وبيرسيفوني (The myth of Demeter and Persephone)، وقيل إن الانخراط في العبادة يقدم بداية رؤية للحياة الآخرة والأمل في وجود مبارك بعد الموت، لم يتم فهم الطبيعة الدقيقة للطقوس والتعاليم المتضمنة في ألغاز الإليوسينية جيدًا، حيث تم الاحتفاظ بها في طي الكتمان، ولكن من المعروف أنها تضمنت سلسلة من العروض الدرامية والأعمال الرمزية، ومع ذلك، تشير بعض المصادر القديمة إلى أن طائفة الإليوسينية ركزت على فكرة رحلة الروح بعد الموت ولم شملها مع الإله.

على سبيل المثال، كتب الفيلسوف والكاتب شيشرون (Cicero) أن طائفة الإليوسينية علمت أن الروح خالدة وأنه يمكن تحريرها من الجسد للسفر إلى العالم السفلي. وبالمثل، كتب الشاعر بيندار (Pindar) أن الطائفة علمت أن الروح يمكن أن تسافر إلى العالم السفلي وتعود إلى عالم الأحياء، تشير هذه المراجع وغيرها إلى أن طائفة الإليوسينية ربما تكون قد أدرجت عناصر من الإسقاط النجمي ورحلة الروح إلى العالم السفلي[23].

كانت طائفة ديونيسوس تقليدًا دينيًا في اليونان القديمة تتمحور حول ديونيسوس، ابن زيوس وسيميلي وأحد أقدم الآلهة وأكثرها تعقيدًا في الأساطير اليونانية، كان في الأصل إله الخصوبة والنبيذ، ولكن مع مرور الوقت تطورت طائفته لتشمل مجموعة واسعة من المعتقدات حوله والممارسات، ارتبطت عبادة ديونيسوس ارتباطًا وثيقًا بطقوس النشوة والتملك، وكان يُعتقد أن هذا الإله قادر على احداث الجنون والإلهام الإلهي في أتباعه. كانت عبادة ديونيسوس تحظى بشعبية خاصة بين النساء، اللاتي عُرفن باسم مينادس (maenads)، وكان يُعتقد بأن الآلهة يتملكون الميناد (جمع مينادس) خلال الاحتفالات الدينية، وكانوا يشاركون في رقصات وطقوس مسعورة، غالبًا في البرية[24]. عُرف عن هذه الطائفة استخدام المسكرات وغيرها من التقنيات (مثل الرقص والموسيقى) التي تسبب حالات مغايرة للوعي لإزالة الموانع والقيود الاجتماعية، ومن خلال الدخول إلى تلك النشوات الروحية كان الكثير من أعضاء الطائفة يختبرون تجارب خروج من الجسد، وفسّر أعضاء الطائفة هذه التجارب على أنها شكل من أشكال الامتلاك من قبل الإله ديونيسوس، مما يستمح للفرد بتجربة علاقة أوثق مع هذا الإله واكتساب البصيرة أو المعرفة التي لا يمكن تحقيقها بطرق أخرى، وكانوا يعتقدون أن هذه التجارب كانت ضرورية للتقدم الروحي وبلوغ الحكمة.

مما سبق يمكن القول أنّ تجارب الخروج من الجسد والإسقاط النجمي كان ينظر لها لدى اليونان القدماء على أنها وسائل للروح لاكتساب المعرفة والفهم الذي لم يكن متاحًا للجسد المادي، وكان يُنظر إليها أيضًا على أنها وسائل للتواصل مع الإلهة وتحقيق حالة وعي أعلى، مارس بعض الناس في اليونان القديمة تقنيات، مثل التأمل أو حالات النشوة، لتسهيل الإسقاط النجمي.


[1] كان أفلاطون (428/427 ق.م - 348/347 ق.م) فيلسوفًا يونانيًا كلاسيكيًا، وتلميذ سقراط، ومعلم أرسطو. يعتبر من أهم الشخصيات في تطور الفلسفة الغربية ومن مؤسسي الأكاديمية في أثينا [2] Er's tale is abridged from Desmond Lee's translation in the Penguin/Harmondsworth edition of The Republic. [3] Plutarch’s The Divine Vengeance (1984, pp. 268–299( [4] Van Der Sluijs, M. (2009). Three ancient reports of near-death experiences: Bremmer revisited. Journal of Near-Death Studies. https://doi.org/10.17514/jnds-2009-27-4-p223-253 [5] كان أفلوطين فيلسوفًا يونانيًا عاش في القرن الثالث الميلادي ويعتبر مؤسس الأفلاطونية الحديثة. لقد تأثر بتعاليم أفلاطون وسعى إلى دمج فلسفة أفلاطون مع فلسفة التقليد الصوفي اليوناني القديم المعروف باسم أورفكية. [6] Plotinus. Enneads. Translated by A.H. Armstrong. Loeb Classical Library. [7] Armstrong, A.H. (1988). Plotinus: An Introduction to the Enneads. Oxford University Press. [8] كان أرسطو (384-322 قبل الميلاد) فيلسوفًا يونانيًا ومتعدد المواهب ، وتلميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر. [9] الأخلاق النيقوماخية (Nicomachean Ethics) هي عمل فلسفي قام به الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو وترجم بعد ذلك إلى اللغة العربية، وتعتبر من أهم الأعمال الفلسفية في مجال الأخلاق والفلسفة الأخلاقية. في الأخلاق النيقوماخية، ينظر أرسطو إلى الأخلاق على أنها تصرفات وسلوكيات نقوماخية (أي صالحة)، تركز على الفضيلة والأخلاق المثلى. وتهدف الأخلاق النيقوماخية إلى تحقيق السعادة، حيث ينظر إلى السعادة على أنها هدف كل إنسان ويحاول تحقيقها عن طريق الفضيلة والسلوك الصحيح. [10] Pandya SK. Understanding brain, mind and soul: contributions from neurology and neurosurgery. Mens Sana Monogr. 2011 Jan;9(1):129-49. doi: 10.4103/0973-1229.77431. PMID: 21694966; PMCID: PMC3115284. [11] Ancient Theories of Soul (Stanford Encyclopedia of Philosophy). (2009, April 22). https://plato.stanford.edu/entries/ancient-soul/ [12] Aristotle on the Soul. (n.d.). https://faculty.washington.edu/smcohen/320/psyche.htm [13] كان هوميروس شاعرًا يونانيًا قديمًا عاش في القرن الثامن قبل الميلاد، يُعتقد أنه ألف القصيدتين الملحمتين، الإلياذة والأوديسة، وهما من أقدم وأهم الأعمال في الأدب الغربي. [14] Homer, Odysea, 1,96-325. [15] Homer, H., Graziosi, B., & Verity, A. (2011). The Iliad: (OWC Hardback) (Oxford World’s Classics) (Reprint). OUP Oxford. [16] في الأساطير اليونانية القديمة، كان أبولو إله الموسيقى، والنبوة، والشعر، والفنون. وكان مرتبطًا أيضًا بالشمس والضوء والمعرفة، وغالبًا ما كان يُصوَّر على أنه شخص وسيم وشاب ذو شعر طويل وقيثارة ذهبية. [17] Euripides, E., & Coleridge, E. P. (2012). Medea and Other Plays. Digireads.com Publishing. [18] كانت هيكات إلهة في الأساطير اليونانية القديمة المرتبطة بالسحر، والشعوذة، ومفترق الطرق والقمر. [19] كان فيثاغورس فيلسوفًا وعالم رياضيات يونانيًا قبل سقراط ومؤسس مدرسة الفيثاغورس للفلسفة. ولد عام 570 قبل الميلاد وهو معروف بإسهاماته في الرياضيات، ولا سيما نظرية فيثاغورس والفلسفة. [20] The Pythagorean Sourcebook and Library: An Anthology of Ancient Writings Which Relate to Pythagoras and Pythagorean Philosophy. Edited by Kenneth Sylvan Guthrie. [21] كان أورفيوس شخصية أسطورية في الأساطير اليونانية القديمة، عُرف بأنه موسيقي وشاعر عظيم، وقيل إن مهاراته الموسيقية رائعة لدرجة أنه تمكن من سحر الوحوش البرية وحتى الأحجار باستخدام قيثارته. [22] Karlström, E. A. (2020). The Apex of Magic and Science : Blavatsky and the Theosophical Society’s Practice and View of Astral Projection (Dissertation). Retrieved from http://urn.kb.se/resolve?urn=urn:nbn:se:su:diva-189871 [23] Graf, F. (2017, December 19). mysteries, Eleusinian. Oxford Classical Dictionary. [24] Apollodorus. Apollodorus, The Library, with an English Translation by Sir James George Frazer, F.B.A., F.R.S. in 2 Volumes. Cambridge, MA, Harvard University Press; London, William Heinemann Ltd. 1921. Includes Frazer's notes.

مشاهدتان (٢)٠ تعليق

Comments


bottom of page